11 May 2012

وجهة نظر حول المناظرة الرئاسية الأولى بين عبد المنعم أبو الفتوح و عمرو موسي


وجهة نظر حول المناظرة الرئاسية الأولى
بيــــــــــــــن
عبد المنعم أبو الفتوح و عمرو موسى

  المناظرة الأولى بين المرشحين عبد المنعم أبو الفتوح و عمرو موسى كانت محط أنظار الشعب المصري وكذلك العالم العربي ووسائل الاعلام العالمية لتكون أحد ايجابيات ثورة 25 يناير فقد تمت برعاية دماء شهداء شباب مصر وبداية لانتخابات رئاسية نتمناها نزيهة ليخرج لنا رئيس منتخب بإرادة شعبية "حرة" .
   تابعت هذه المناظرة مثل الملايين وكنت أدون بصورة سريعة بعض التعليقات على اداء المرشحين وحاولت بقدر الإمكان ان يكون التعليق بناء على رؤية الشخص البسيط الغير سياسي كغالبية الشعب المصري مع بعض الرؤية التقييمية لأداء كلا المرشحين .
   ملحوظة : هذه التعليقات ( وبعض التغريدات الغير مدونة هنا ) كانت وليدة لحظة انتهاء كل جزء من الأسئلة وحرصت ألا اعدل عليها حتى تكون بصورة طبيعية محايدة كما اوضحت بالفقرة السابقة .
   وكان تحليلي الشخصى كالآتى :


الجزء الأول من الجولة الأولى فى مناظرة رئيس مصر :
   عمرو موسي دبلوماسيته ولباقته وثقته تتحكمان فى التفوق لصالحه واتضح انه مذاكر لأبو الفتوح كويس .. عكس أبو الفتوح الذى يخرج عن نطاق الأسئلة مما يصيب المواطن العادى بالتوهان وهذا حدث فى 3 أو 4 أسئلة عكس موسي الذى كانت اجابته واضحة للمواطن العادى .
   استفزتنى النبرة الثورية لأبوالفتوح التى تجعله يلتهم مدة اجابته لذلك لا تتسع له الدقيقتين .. الموضوع مش ثورجية دلوقتى لأن دلوقتى وسيلة إقناع .. لذلك للأسف موسي يتفوق فى موضوع مدة الاجابة هذه .
   فوجئت من شدة قوة عمرو موسى وهو بيقول " أنا كثوري " تخيلت إنه هو اللي كان واقف جنبي فى شارع القصر العينى يوم جمعة الغضب ..يخرب بيت لسانك وإقناعك يا موسي !!
   موقف طريف :  الإعلامية منى الشاذلى تعلق على سؤال عمرو موسى حول مدة الاجابة لتقول له " لو ليك باقى هتاخده فى الآخر !! " .. حسيت إنى فى ميكروباص J
   كانت فرصة أبو الفتوح فى الجولة الأولى اتمنى أن يلحق نفسه .
   بمنتهى الحيادية اعتبر نتيجة الجولة الأولى 7 / 2 لصالح عمرو موسي .

الجزء الثانى من الجولة الأولى فى مناظرة رئيس مصر :
   أبو الفتوح استعاد توازنه وأصبحت اجاباته واضحة وهبطت نبرته الثورية مما كان لها أثر فى تحسين أدائه .. وموسى مازالت خلفيته القانونية والسياسية تظهران بإجاباته البسيطة كما يتضح من دراسته لمنافسه جيداً .. وكذلك دراسته لبرنامجه جيداً أيضاً مثل أبوالفتوح .
   لكن بشان أسئلة التفنيد مازال أبو الفتوح يهدر أسئلته الموجهة لموسي سواء بتكرار الاسئلة وموسي يرد ويهاجم بقوة ايضاً وخاصة علاقة أبوالفتوح بالإخوان كما استطاع موسى انكار سؤال أبو الفتوح عن علاقته بمبارك وهى إجابة صحيحة وبإمكانكم كما قال العودة لشريط الحوار المستمد منه الاتهام وما سبقه ولحقه من حوارات صحفية حينها.

   استطاع أبو الفتوح التوازن مما جعله يحافظ على فارق الخمس نقاط التقييمة (وجهة نظر شخصية) .
   بمنتهى الحيادية اعتبر نتيجة الجولة الأولى بجزئيها 15 / 10 لصالح عمرو موسي .
   * ملحوظة : تقييمى يعتمد بقدر امكانى تقمص دور أعضاء حزب الكنبة ومحاولة التفكير على قدر عقولهم الخفيفة وكيف يتأثرون بطريقة الاجابات الصادرة من المرشحين .



الجزء الأول للجولة الثانية في مناظرة رئيس مصر :
   أبو الفتوح بدأ جيداً بعد أن أصبح هو البادئ بالاجابة ولذلك كانت إجاباته جيدة عدا الاسئلة الخاصة بالاخوان والاحزاب الدينية .. أما عمرو موسي فكان هادئاً بعد ان أصبح الثانى فى اجاباته وواضح جداً انه مجهز ردوده وخاصة رأى الشعراوى قتل به نقطة "الاحزاب الدينية " التى تهرب منها أبو الفتوح .
   أسئلة التفنيد مازال أبو الفتوح يكرر فى الأسئلة ولا يستفيد من حق سؤال جديد عكس موسي الذى استطاع توجيه " ضربة تحت الحزام وشرعية فى نفس الوقت " بسؤاله عن رأى أبو الفتوح بـ "نعم " بالتعديلات الدستورية وضرورة اعتذاره وكذلك انتماؤه للجماعة الاسلامية .. وبكل أسف فشل أبو الفتوح فى الرد على الثعلب موسي .
   موسى يستفز أبو الفتوح سواء بالإجابات او الاسئلة ليفقد الثانى أعصابه مما يسيئ له أمام المواطن البسيط .. أبو الفتوح يحتاج لتقوية ثباته الانفعالى .
   أبو الفتوح تفوق بإقراره الصحى وجب تحيته على ذلك .
   بمنتهى الحيادية نتيجة الجولة الثانية حتى الان 7 / 6 لصالح موسي .
   أداء جيد لأبو الفتوح بالجولة الثانية عن ادائه بالأولى .

الجزء الثانى للجولة الثانية فى مناظرة رئيس مصر :
   كلا المرشحين كانت إجابتهما دبلوماسية ومحفوظة بشأن الجيش وكشوف العذرية والاسئلة عن البرامج الانتخابية .. لكن بدأ الحوار يتحول إلى صالح موسي بعد الدخول فى الاسئلة السياسية والعلاقات الخارجية التى تفوق موسى فيها بواقع خبرته العريضة بالسياسة الخارجية وأبو الفتوح كانت إجاباته جيدة نوعاً ما.
   أما أسئلة التفنيد بدأ أبو الفتوح بطرح سؤال جديد فى خطوة جيدة إلا أنه سرعان ما عاد لتكرار الأسئلة ولا يستفيد من حق سؤال جديد عكس موسي الذى استمر فى توجيه " ضربة تحت الحزام وشرعية فى نفس الوقت " بسؤاله عن انتماءات أبو الفتوح بالجماعات الاسلامية كما كان يفاجئه بمقاطع من اقوال وكتابات لأبو الفتوح ليضرب أبوالفتوح لخمة فيريد أن يرد الصفعة فيذهب لملعب موسى وهو السياسة الخارجية المصرية وللأسف أبو الفتوح لم يكن مراجعاً جيداً لتاريخ السياسة الخارجية المصرية فوقع فى الفخ ليقتنص منه عمرو موسى النقاط الافتراضية .
   لتنتهى نتيجة الجولة الثانية 16 / 13 لصالح موسى بفضل اللعب بملعبه السياسة الخارجية المصرية .
   لتصبح النتيجة النهائية عمرو موسى 31 وأبو الفتوح 23
   *ملحوظة  : رغم حدة النقاش وتبادل الاتهامات لكن أعجبنى فى نهاية المناظرة‏ قيام كلا المرشحين
عمرو موسى وأبو الفتوح بالسلام يداً بيد فى مشهد حضارى .
وللعلم هذا تقييم شخصي ونقاط افتراضية اعتمدت على عقلية الانسان المصري البسيط قدر الامكان .


·        ملاحظات على المناظرة بين عمرو موسى وأبو الفتوح :
-       اتسم اداء عمرو موسي بالثقة وصلت فى بعض الحيان للغرور مع الشدة فى وقت الاسئلة الهجومية والدفاع عن نفسه.
-       أبو الفتوح وضح أداؤه أنه يميل للثورية وهى نقطة فى صالحه لكسب قلوب الثوار ولكنها ضده وخسرته بعض أعضاء حزب الكنبة وهذا الأداء الثورى أضره بعدم مقدرته فى التحكم فى زمن الاجابة مما يجعله لا يخرج ما فى جعبته كاملاً.
-       موسى استعد جيداً للمناظرة وذاكر خصمه جيداً عكس أبوالفتوح (صراع السياسة الخارجية والجماعات الاسلامية ).
-       وقع موسى فى خطأ فادح بتكرار قوله غن إيران دولة عربية !!.
-       أبو الفتوح وقع أيضاً فى خطأ فادح عندما قال ان الجماعات الاسلامية كانت سلمية ولم تتخذ العنف منهجاً !!!
-       أبو الفتوح وضح عليه خوفه من فقدان أصوات الاسلاميين فكانت إجاباته على أسئلة موسى الهجومية " بشأن علاقاته بالإخوان والجماعات الإسلامية " مبهمة وغير واضحة للمواطن البسيط .
-       أبو الفتوح أصر على اللعب فى ملعب الخصم بتكرار أسئلته عن السياسة الخارجية المصرية والكارثة هو عدم مراجعته الجيدة لمواقف الخارجية المصرية فى حقبة منافسه عمرو موسى ليرد موسى بدبلوماسيته واصطياد أخطاء أبوالفتوح فى هذا الموضوع !!
-       كلا المرشحين استغلا الكلمات الختامية فى تحذير الناخبين من خطورة اختيار المرشح الاخر بدلاً من الدعاية لنفسيهما !!
-       رغم حدة النقاش وتبادل الاتهامات لكن أعجبنى فى نهاية المناظرة‏ قيام كلا المرشحينعمرو موسى وأبو الفتوح بالسلام يداً بيد فى مشهد حضارى .
-       اعتقد حمدين صباحى كان يستطيع مجادلة موسى أفضل من أبو الفتوح على اعتبار ان موسى لم يكن يستطيع مهاجمة صباحى من ثغرة الجماعات الاسلامية والاحزاب الدينية .
-       الفائز من هذه المناظرة هو حمدين صباحى .. ومن الافضل للمرشحين موافقتهما لجر صباحى لحلبة المناظرات لعلهم يستطيعون الايقاع به ولكى تكون الرؤية واضحة للناخب .
-       الوحيد الذى سيُعرى ويُكشف أمام الشعب لو دخل هذه المناظرة هو شفيق لأنه اساسا فى البرامج الحوارية الفردية لا يتضح برنامجه فما بالك أيها الناخب لو كان مكان موسى أو أبو الفتوح ؟!
-       أداء المحاوران منى الشاذلى ويسري فودة كان متميزاً .
-       أياً ما كان .. هذه مناظرة تاريخية جاءت بفضل دماء الشهداء وبإذن الله تكون خطوة نحو الديموقراطية وبداية نهضة مصر ولنعتبرها بداية شبه مبشرة لانتخابات نتمناها نزيهة .

                               
رحم الله شهداء مصر واتمم ثورتنا بالنجاح .

05 May 2012

شهادتي على فض اعتصام العباسية ومواجهات الدمرداش




   اكتب أنا هيثم محمد التابعي – الصحفي بجريدة الشرق الأوسط اللندنية شهادتي على ما رأيته بعيني فقط  وما حدث لي شخصيا دون أي التفات لقصص أو روايات سمعتها من حولي خلال أحداث فض اعتصام وزارة الدفاع الجمعة 4 مايو .. والله على ما أقوله شهيد .
   توجهت عقب صلاة الجمعة إلى ميدان التحرير للقاء أصدقائي ومن ثم التوجه لميدان العباسية للمشاركة في جمعة "النهاية" ضد المجلس العسكري، ولتغيرات في مواعيد البعض تقرر أن اقابل اصدقائي في العباسية فذهبت إليها من التحرير عبر رمسيس مستقلاً ميكروباص... الحقيقية أنني كنت مريض خلال الاسبوعين الماضيين ولم أزر اعتصام  العباسية من قبل كما أنني لم أكن اعرف على وجهة الدقة التفاصيل الدقيقة لما حدث هناك في اليومين الماضيين.
   الطريق للعباسية كان يوحي أن هناك مؤامرة تحاك فعلاً .. كل الكباري في الطريق من رمسيس للعباسية مغلقة بواسطة الشرطة المدنية وكل الطرق من ناحية مسجد النور أيضا مغلقة .سيارات الأمن المركزي المدرعة كان تسد دروبا كثيرة وتمنع الوصول للعباسية لكنني لم أر أي بلطجية احقاقا للحق في تلك المناطق بجوار الشرطة .
   اضطررنا لدخول العباسية من ناحية صلاح سالم حيث كانت الشرطة ايضا تغلق الطريق وتسمح للمشاة فقط بعد تفتيش صوري .. في الطريق من بوابة العباسية من ناحية صلاح سالم يمكن رؤية المبنى القديم لكلية الشرطة والشوارع الضيقة المؤدية لحي العباسية وكلها طرق ودروب صغيرة أعرفها تمام المعرفة لوجود مدرستي الابتدائية والاعدادية في قلب ميدان العباسية .. لكن كل تلك الدروب وقف امامها بلطجية اشكالهم غريبة للغاية لكن دون سلاح خاصة في منطقة موقف الاوتوبيس .. اكملت المسيرة ناحية النفق حيث يحتشد المتظاهرين .. الاجواء كانت عادية جدا وحماسية للغاية حتى بدأت القوات المسلحة في توجيه خراطيم المياه تجاهنا لفترة من الوقت دون ضرب غاز أو رصاص .
   بدأ مجموعة من الشباب الملتحي من المرتدين للجلاليب في تجميع الطوب من الارض في أشولة والتوجه به لنقاط التماس مع جنود القوات المسلحة ..حاول الكثير من الشباب اقناعهم بعدم جدوى ذلك ونشبت معارك كلامية طاحنة بين الطرفين.. واتذكر معذ عبد الكريم وهو يتناقش مع احد الشباب ليقنعه بعدم جدوى استخدام العنف... كلها نقاشات كانت في الهواء.
   بس بصراحة لم اسمع اطلاقا كلمة الجهاد ضد الجيش زي ما بعض الاعلاميين بيقولوا لكني رايت كثير يحملون الرايات السوداء .
   اخذت جولة في المكان وتحدثت مع بعض الشباب لاستطلاع اراء الشباب حول عدة موضوعات اعكف على العمل عليها .. الامور كانت لا تزال هادئة جدا ..صعدت لكوبري المشاة حيث كاميرات الاعلاميين وقمت بمداخلة لقناة 25 وانتقدت فكرة الاعتصام امام المؤسسات الحيوية لانها تنتهي بالدماء وخسارة تاييد الراي العام .. وهو ما لم يعجب احد الشباب الملتحين الذي صب جم غضبه على الاعلاميين واتهمهم بالعمالة وعدم الشجاعة وامسك بقالب طوب وهدد بتحطيم الكاميرات ان لم ينزل الاعلاميين من فوق الكوبري وهو ماحدث .. بصراحة السلفيين أو المنتمين لحازم صلاح أبو اسماعيل كانوا بيتعاملوا بغلظة شديدة جداً وبعنف مبالغ فيه مع أي حد يعترض على كلامهم.
   ولكن احقاقاً للحق لم أرى في أيديهم أي أسلحة نارية أو قنابل مولتوف او أي شيء باستثناء الطوب وبعض العصيان الضخمة "النبابيت" لكن كل احاديثهم وخطابهم كان مع استخدام العنف ضد عساكر الجيش .. حاول الكثيرون من الشباب منعهم من حمل اشولة الطوب لمناطق المواجهة لكنهم انتصروا لرايهم في النهاية .. واحقاقاً للحق فقد تجاوب معهم عدد من الشباب وتوجهوا للامام لرمي الحجارة .
   بعدها بدقائق  كانت العشرات يعودون من خطوط المواجهة والدماء تسيل منهم بغزارة ما سمعته منهم شخصياً ان الجنود بادلوهم اطلاق الحجارة ولكن يبدو ان صحة جنود القوات المسلحة اقوى بكثير ، هي كذلك فعلا للاسف، حيث كانت اصابات المتظاهرين بالغة للغاية .. حتى تلك اللحظات لم اسمع أي اصوات لاستخدام الرصاص أو الغاز .
   في هذه الاثناء وصلني ايميل ان شباب 6 ابريل ينسبحون وفعلاً في خلال دقايق لقيت العشرات منهم بيخرجوا من النفق وبيخططوا للخروج وكلهم اتفقوا على الخروج من طريق صلاح سالم .. اعتقد كان عددهم يتجاوز 20 واحد اللي انا شفتهم بعيني .
   أبلغني بعدها منسق الاسعاف في ميدان العباسية أن الوزارة قررت إرسال 11 سيارة إسعاف إضافية .. الغريب أنه أصدر توجيهاته لسيارات الاسعاف التي كانت منتظرة في مدخل النفق بالتحرك لمنطقة اوسع .. وتحركت نحو 20 سيارة دون وجود أي حاجة لذلك، بصراحة قلقت ومفهمتش لية بيحرك العربيات وهي وافقة في مكانها مستريحة الا لو كان بيوسع السكة وهو ما حدث .. المداخل من ناحية مسجد النور ومحطة الاوتوبيس كان واقف عليها بلطجية بس من بعيد وناس كتير معرفتش تروح اثناء اليوم من هناك لانهم كانوا خايفين منهم وكمان شارع لطفي السيد اللي عليها محطة مترو الدمرداش محدش كان حابب يروح منه لانهم كانوا خايفين يطلع بلطجية من الناحية دي .
   بدأت اشعر بالتعب فجلست في الميدان حيث بدات طائرة  هليكوبتر تحلق فوق رؤسنا في دوائر  لمدة ربع ساعة .. في هذه الاثناء كان ضرب قنابل الغاز بدأ وبدات ابتعد عن النفق قدر الامكان لانني اعاني من التهابات حادة وحساسية شديدة في الصدر .. كنت كلما أبتعد ألاحظ إغلاق البلطجية للشوارع الجانبية اللي ذكرتها في الأول أثناء وصولي للعباسية وبدأت يظهر معاهم أسلحة وسنج وسيوف .
   وأنا بحاول أبعد من الغاز .. بدأت أسمع أول صوت رصاص حي وفي ظرف ثواني كان كل المتظاهرين اللي في النفق بيجروا برة ناحية الميدان .. وكانت المنطقة اللي اخلتها سيارات الاسعاف مسرح لسقوط المئات أرضاً خاصة بعد ما وضح أن جنود الجيش دخلوا كمان من ناحية شريط القطر بجوار مدرسة سانت فاتيما .. وكانت الفوضى مدمرة ناس كتير بتجري وناس أكتر بتقع على الارض .. ريحة الغاز كانت قاتلة وقوية للغاية ومكنش ادامنا غير سكة واحدة بس نجري نحيتها في المنطقة اللي كنت فيها وهي سكة صلاح سالم .. بعد ما جريت يجي خمس دقايق لاقيت حوالي 100 مدرعة مجنزرة للجيش داخلة علينا والشرطة العسكرية بتحركهم قلت بس هي دي الكماشة وكدة  موتنا .. اخرجت كارنية هيئة الاستعلامات المحترم بعد ما اتاكدت اننا خلاص هيعتقلونا لكن ضابط جيش برتبة رائد قالي : خد زمايلك وروح  .. فعلاً بصيت ورايا بعدها لقيته بيخرجوا كل الناس دون اعتقال وكان واضح ان المدرعات دي قادمة فقط لاحتلال  العباسية وقدام عينيا في المنطقة دي لم يتم اعتقال أي حد .. صرخات المئات ورائنا كانت مفزعة وذكرتني بيوم 21 نوفمبر حين اقتحم الجيش ميدان التحرير مخلفا ورائه قتلى .
   الكماشة دي مكنتش الكماشة الاساسية لاني مشفتش القوات دي بتعتقل حد او بتضرب حد وارجع اقول انا مشفتش بعنيا يعني ممكن تكون عملت كدة بعدين...الكماشة كانت في منع البلطجية لينا من الهروب في الشوارع الجانبية
   ركبت اتوبيس نقل عام هدى علشان يركبنا وكان معانا بنت حوالي 19 سنة مش لاقية والدتها واكثر من دكتورة من المستشفى الميداني…السواق رفض ينزل اي حد الا في الدمرداش… انا بقا مكنتش عارف فين الدمرداش بالظبط.
   عبرنا في الطريق بقسم الوايلي وقسم اخر مش فاكر اسمه وكلها كانت محصنة تماما بتشكيلات للامن المركزي والمرور المباشر قدامها ممنوع ..وصلنا لمحطة مترو الدمرداش القريبة للغاية من ميدان العباسية مرة اخرى... شغفي الصحفي دعاني للانتظار وسط المئات من المتظاهرين وعشرات الاهالي في المحطة وهي محطة مخنوقة تقع تحت كوبري اكتوبر خلفها شارع ضيق هو ترعة الجبل وخط المترو وامامها شارع ضيق للغاية اسمه لطفي السيد... سحابات الغاز كانت تغطى المكان بكثافة وجنود الشرطة العسكرية وقفوا على شريط المترو يتبادلون إلقاء الحجارة مع المتظاهرين وبين الوقت والأخر كان الرصاص الحي يدوي في المنطقة.... الشرطة العسكرية كانت تتعامل بعنف بالغ مع كل من تعتقله في المواجهات امام عيني..الضرب كان بيبقا بغرض القتل مش الاصابة
   تلقيت اتصال من زملائي بالعمل يلحون علي لمغادرة المكان علشان صحتي مش هتستحمل الغاز والجري... نزلت شارع لطفي السيد كان واقف فيه زهور شباب مصر....ادامنا كانت الشرطة العسكرية وورانا بس بعيد شوية وقف عشرات البلطجية بيضربوا خرطوش ..الخرطوش كان بيخبط في حيطة المترو وبعيمل صوت فظيع وكانوا بيشتمونا بافظع الشتايم وبيقولوا لو رجالة بقا ارجعوا لورا .
   مكنتش شايف أي جدوى من استمرار الجيش في دفعنا للخلف خاصة ان اعتصام العباسية كان خلاص اتفض وبالتالي كان اللي بيحصل هو محاولة للتنكيل والقتل مش اكتر...
   في لحظة واحدة الشرطة العسكرية اللي قدمنا هجمت علينا وحصل ضرب نار شديد جداااا  ومن ورانا ومدرعات بتجري بسرعة الصاروخ من ناحية البلطجية جريت علينا وضربت علينا رصاص حي بغزارة وبعشوائية فيه ناس وقعت على الارض ..جرينا بسرعة في الشوارع الجانبية الوحيدة اللي قدامنا ..عسكري على المدرعة وقف على اول الشارع وضرب علينا رصاص ....حد كان بيجري ورايا مكملش معايا انا جريت بسرعة رهيبة وواحد تاني ورايا  في الحارات بتعريجات غريبة علشان الرصاص اللي بيتضرب علينا علشان نستخبى عند أي حد دخلت حارة وندهت قلت انا صحفي خبوني...دخلت بيت ومحددش رضي يفتحلي غير ست ربنا يكرمها ويسترها ..رفعت ايديا فوق وسلمت نفسي ليهم بمعنى الكلمة... ( سبق ورفضت اسر كثيرة فتح ابوابها لنا واحنا بنموت في شارع محمد محمود واحداث مجلس الوزارء والداخلية وفي الاخيرة كدت ان اموت بعد ان طردنا السكان من العمارة ).
   ساعتها كان اغم عليا تماما فوقوني واكلوني وشربوني ..الست ام محمود ، وهي سيدة بسيطة ومصرية اصيلة، ام لمحمود ومحمد ومروى، المفارقة ان محمود جندي مجند في الشرطة العسكرية في السويس .. بجد مصر عظيمة مهما أي حد حاول انه يعمل فيها ويفرق بين شعبها .. رب الاسرة الحاج عبد العزيز اصر ان اتناول الغدا معاهم وعملي شاي واصر اني ابات معاهم .
   وطبعاً كان مستحيل انزل لأني كنت بخلص في الروح ولان الجيش والبلطجية كانوا محتلين المكان تماما .. قعدت عندهم 3 ساعات في أمن وأمان متناهي بس الشارع تحت كان كله رصاص حي ورمي طوب وناس بتصرخ .. من البلكونة عندهم شفت مدى التعاون الوثيق بين الشرطة العسكرية والبلطجية في ضرب وسحل المتظاهرين .. العساكر كانت بتتلم على واحد بس وتهريه ضرب بشكل مهين.
   كان النزول بهيئتي تلك وملامحي الغريبة عن المكان هو الانتحار بعينه
   بعد 3 ساعات اتصلت بصديق واخ لي من ايام المدرسة يسكن في غمرة  لمقابلتي عند الكتدرائية بعد ان اقنعت الاسرة ان ارحل رغم اصوات الرصاص الذي يدوي في الشارع.
   كان مستحيل ان اسير في تلك الشوارع وحدي ودون اصطحاب لاحد من اهالي المنطقة لانها كانت ستكون محاولة للانتحار فعلا.
   اصطحبني محمد ،16 سنة وعلى صديقه 18 سنه لتاميني خارج منطقة الدمرداش وفعلا وصلت لمبنى الكتدرائية حيث اصطحبني  محمود لبيته مرورا بمنطقة غمرة حيث كانت اصوات الرصاص لا تزال تدوي عاليا ومن بيته لبيتي مباشرة .

·        خلاصة الموضوع اللي شفته بعيني :
1.     الاعتصام او التواجد لم يكن فقط اولاد ابو اسماعيل  كما يردد الاعلام..لكن كان معظم التيارات والقوى السياسية... وكثير من المستقلين...لكن بصراحة انا اصلا ضد فكرة الاعتصام او التظاهر اما مؤسسات الدولة لانها كتجربة وممارسة لم تات باي نتائج ايجابية وتزيد من فاتورة دم الشهداء وتخصم من رصيدنا في الشارع مثلما حدث في مجلس الوزراء ووزارة الداخلية .
2.     اللجوء للعنف كان حصري بشكل كبير على السلفيين اللي كان عندهم رغبة شديدة على استخدام العنف... وهم يتحملوا قدر من مسئولية ما حدث اليوم لانهم وفق ما رايت بدئوا باستفزاز العساكر .
3.     الجيش استخدم العنف بشكل مبالغ فيه جداا جدااا جدااا ولم يكن من الطبيعي استخدام العنف مرة اخرى في الدمرداش بعد فض الاعتصام .
4.     استخدام اسلوب الكماشة بهذا العنف ضد متظاهرين سلميين في شوارع ضيقة كما في الدمرداش مع وجود بلطجية هو محاولة اخرى للقتل والتنكيل .
5.     استخدام البلطجية اصبح وسيلة قوية للغاية في ايد الجيش لارهاب المتظاهرين وبصراحة جابت نتيجة خاصة بعد وقوع قتلى في صفوف المعتصمين يوم الاربع .
6.     يسقط يسقط حكم العسكر .
  كل الشكر لأسرة الاستاذ عبد العزيز الكريمة اللي انقذتني من موت محقق بفضل الله .
هيثم محمد التابعي