21 August 2008

كلا ... ليس وحده المسئول عن حريق مجلس الشورى



لحظات دهشة تملكتنى وأنا أفاجأ بخبر حريق مجلس الشورى على قناة الجزيرة أثناء تنقلى بالريموت بين القنوات لعلى أجد ما يسلينى لمدة 5 دقائق حتى ألتقى أصدقائي ولكن هذا الخبر جعلنى أؤجل ميعادى لعلى أفيق من هول المفاجأة وما أراه من تضارب الأخبار كالعادة بين قناة النيل الأخبار والفضائية المصرية والقناة الأولى المصرية من جهة والقنوات الاخبارية العربية والقنوات الخاصة من جهة اخرى .. فطبعاً لا يتم نقل الحقيقة كاملة على القنوات المصرية التى اعترفت بحريق المبنى بالكامل بعد أن اعلنت قناة الجزيرة ذلك ب3 أو 4 ساعات ... صباح الريادة الاعلامية حتى فى الكوارث.

يتملكنى الحزن وأنا أتخيل أننا فقدنا مبنى أثرياً يعد هو مهد الحياة النيابية فى مصر من قبل بناء مجلس الشعب , ولقد سطر تاريخ هذا الوطن داخل هذه الجدران من رجال عظام قبل أن يصبح فيما بعد حكراً للحزب الأوحد لنتندر على أيام مجلس "الشيوخ" ...

إنها لكارثة بكل المقاييس ليس شرطاً أن عدد الضحايا قليل ولكن تراث مصر النيابي ذهب مع الحريق على الرغم من التأكيدات بأن الوثائق التاريخية موجودة ولم يمسسها سوء , وأن ما احترق من ملفات يوجد منها نسخ أخرى ولا داعى للقلق .. وإنما ما يدعو للقلق حرق ملفات حوادث هامة سطرت ادانة لتحامل السلطة على الشعب كملفات الدم الملوث والعبارة الغارقة و قطار الصعيد و صفر المونديال و المبيدات المسرطنة و ......و....و ..... .

لكن أين الريادة المصرية فى السيطرة على كارثة كهذه من بدايتها لكى تصل النتائج لما هى عليه الآن ؟ لقد بدأ الحريق فى الطابق الثالث بمجلس الشورى نتيجة ماس كهربائي " المتهم دوماً " فى كل القضايا كقطار الصعيد وغرق العبارة وممكن نقول صفر المونديال الشهير تسبب فيه الماس الكهربائي.. انتشر الحريق بسرعة مذهلة ودون تدخل سريع من أمن مجلس الشورى بطفايات الحريق التى يبدو انها غير موجودة فى طرقات المجلس أو بمعنى أصح انتهت صلاحياتها على الرغم من ان المجلس المرحوم هو من تطلب وجود طفاية حريق بكل سيارة مع شنطة الاسعاف والمثلث والبرجل والمسطرة وغيرها ولكنه عاجز عن ان توجد داخله طفايات حريق تعمل حتى تكون هناك محاولة للسيطرة على الحريق داخل أول غرفة ولكن الحريق امتد للغرف الاخرى الى أن وصل الى التهام كامل الطابق الثالث وانتقل الى باقى المبنى بالكامل وامتداده إلى المبانى المجاورة ودخوله لمجلس الشعب وذلك لمدة 9 ساعات حريق مستمر وعربات الاطفاء لا تستطيع السيطرة عليه مما استدعى الى تدخل القوات المسلحة للمساعدة فى الاطفاء بطائراتها ... ولكن السؤال الريادة المصرية ألم تسمع عن أجهزة الإطفاء الآلى عند حدوث الحرائق ؟ فأين هذه الجهزة داخل أعرق مبانى العاصمة بل والشرق الأوسط ونحن فى القرن الحادى والعشرين ؟؟ !!! ثم هل يعقل أن يكون فى هذه المنطقة المحيطة بمجلسي الشعب والشورى ووزارة الداخلية ومجمع التحرير وغيرهم من المصالح والمؤسسات الهامة ستة حنفيات لامداد عربات الاطفاء بالمياه لتهب العربات لمسافات بعيدة لاعادة ملئها بالمياه ؟؟؟ !! عفواً انه منتهى الإهمال بغض النظر عن القضاء والقدر .


احترق مجلس الشورى وأصبح مثله مثل القاهرة التى احترقت عام 1952 وكذلك دار الأوبرا القديمة عام 1971 , ولكن ماذا بعد .....؟

بدأت التصريحات العنترية فى الخروج بداية من المسئولين إلى أصغر رجل أعمال أو كل ذى نفوذ فى بلدنا مثل:

* خروج السيد رئيس مجلس الشورى وأعلن انه سيتم اعادة مجلس الشورى أفضل مما كان عليه بفضل جهود اعضائه ومساعداتهم .

* خرج أحد رجال الاعمال والحريق لم يتم السيطرة عليه بعد وأعلن عن تبرعه بـ 10 مليون جنيه لاعادة مجلس الشورى سواء ترميماً أم بناءً كاملاً مرة أخرى.. وتوالى ورائه قائمة برجال اعمال اخرين بتبرعات أخري .

* خرج علينا سمير زاهر عضو مجلس الشورى ورئيس الإتحاد المصري لكرة القدم باقامة مباراة بين مصر واحدى المنتخبات الكبرى يخصص ايرادها بالكامل لصالح مجلس الشورى .

ومازال الخروج مستمراً لأن الأموال وطرق تدبيرها ظهرت الآن بالملايين التى تكفى لإيواء آلاف الأسر المشردة وبناء آلاف من المساكن للشباب واقامة المشروعات التى ستوفر العمالة وتقضي على البطالة ... لكن من يدفع مليوناً الآن سيعود إليه بمائة مليون ...

وبدأ موسم مد اليد وقبول الاعانات من الدول الخارجية فيتبرع الشيخ فلان بملايين الدراهم والأمير فلان بملايين الدنانير والملك فلان بالذهب وأدوات البناء وأحمد عز بالحديد .. ولا ينقص سوى أن يرسل لنا القذافى احدى خيمه لعقد اجتماعات مجلس الشورى بها مع ترحيبه باستضافة الجلسات عنده ....

عفواً يا سادة مجلس الشورى مبنى مصرى قبل أن يكون حكراً لأحد وسيظل رمزاً حتى بعد احتراقه وحتى لو أقيم مبنى بديلاً له فهو احدى السلطات التشريعية التى هى أساساً تعبر عن رأى الشعب وليس رأى من بداخله الآن من اعضاء وان كان الآن ليس له أى دور من وجهة نظر البعض وأؤيدهم فى ذلك .. ولكن لا خلاف فى أنه رمز مصر ولذلك يجب اعادة بناءه أو ترميمه – وإن كان مستحيلاً – من الموازنة العامة للدولة وليس بنقود هذا أو ذاك .

كلمة أخيرة :
أعتقد أن ما حدث هو جزء من العقاب الالهى لصالح أرواح ضحايا العبارة الذى فَر قاتلهم تحت رعاية مجلس الشورى حيث كان عضواً به وتباطأ المجلس فى رفع الحصانة عنه الى أن هرب خارج البلاد تاركاً قلوب المصريين تغلى منه ومن مَن ساعده فى الهروب .. فهذا المكان الذى حماه يحرق لتتكبد الدولة مسئولية اعادة بنائه ولتدفع الدولة ما يدفع لها من هؤلاء الفاسدين لحمايتهم...
ولذلك فأرى أن الماس الكهربائى ليس وحده المسئول عن ما حدث بل هناك شركاء فى هذه الجريمة ومنهم الإهمال والتسيب والفساد و.......... ممدوح اسماعيل وشركاه .