05 January 2009

اخوانى الأقباط....عيد سعيد



كنت طفلا صغيرا ألهو والعب مع بقية الأطفال في فناء مدرستي ، كلنا أطفال ،أغلبيتنا الساحقة مصريين ، مصريين بلا تمييز ،نحب بعضنا البعض بشدة، وكبر معنا هذا الحب عبر الزمن، أنها مدرستي الجميلة سانت فاتيما حيث تعلمت معني التسامح ومعني حب هذا البلد ، وقيمة الإنسان كانسان ، لا بدينه ولا عقيدته ومذهبه.أعيادنا أعيادهم، وأعيادهم أعيادنا، ولكن الصورة لم تكن دائما وردية بكل حال. فمع تقدم السنين ، ظهر متشددين هنا او هناك دون ان يفسد ذلك للود قضية.

واحكي عن تجربتي الشخصية وعن فصلي الدراسي بالإعدادية ، حيث تزاملنا كلنا مينا ومحمود طارق عبد الله و احمد عثمان مريم و أريني... خليط إنساني مصري متجانس ومتحاب.
أتذكر كيف ربطتني علاقة صداقة خاصة بمينا فرج الله ، وكيف كان والد مينا جورج يسأل عليا دائما و يثنى علي طريقة لعبي للكرة، ولا أنكر فضل مديرة مدرستي أستاذة فوزية – الطال الله في عمرها- عليً فقد شجعتني لأكتب ولا انسي أنها منحتني فرصة ان القي مقالا لي في الإذاعة وأنا في الصف الأول الإعدادي. ولا استطيع ان انسي ابدا أستاذي هشام ميشيل الرجل المتفتح ، ولا مسيو جون مدرس الفرنسية ، صديقي العزيز الذي يغمرنا كلنا بحب أب حنون.

وفي الجامعة ، ازداد ارتباطي بأسم مينا تحديدا ، فجمعتني صداقة قوية بمينا سمير ، و رغم أننا اختلفنا في العمل ، إلا ان الصداقة القوية أعادتنا أصدقاء وبقوة مجدداً.

مرقص ونادر سمير و هيثم عدلي وغيرهم الكثيرون مع محمد واحمد ومحمود ، تربطنا كلنا علاقة جيدة بل وممتازة ونتبادل كلنا عن حب التهاني في الأعياد، فرسائل مريم سامي ورامز وكريستينا وغيرهم لا تنقطع في الأعياد ...لأننا كلنا مصريين.

اعتذر عن تلك التفاصيل الشخصية التي تبدو مملة في نظر البعض ولكن الحقيقة، لا ادري من أين ابدأ حديثي ولا كيف ارتب أموري.فالمدقق في بواطن الأمور وفيما يحدث في بلدان العالم اجمع، لا بد ان يلحظ ان السقوط يبدأ من تلك النقطة الفاصلة الحاسمة، قنبلة الطائفية البغيضة. تقسيم أي بلد إلي طوائف وزرع الأحقاد والكراهية بينهم عبر إثارة الفتن و الحكايات المغلوطة، فبذرة الكراهية زرع شيطاني ذو رائحة قذرة تكبر بصورة سريعة و مجنونة.
الوضع في الشرق الأوسط الآن غريب، فما من بلد إلا ويثار فيها فتن طائفية والهدف معروف للجميع، ففي العراق ، اختلط الحابل بالنابل وتحول الأمر لاقتتال طائفي علي نطاق واسع، كراهية غريبة زرعت عبر إثارة طائفية بين أطراف الدين الواحد. وانتقل الفيروس الخبيث للعالم، فأصبح علي العراقي ان يجيب علي سؤال إجباري كريه، سني ولا شيعي؟
والوضع في العراق مع تلك الحالة الطائفية لن يتحسن أبدا، فعلي أهل العراق ان يحرروا أنفسهم من هاجس الطائفية قبل ان يحرروا ترابهم. وتحرير النفوس من الكره والأحقاد أصعب بكثير.

وفي لبنان، فرقوا بين أهل الحي الواحد والشارع الواحد، واختلطت أمور السياسة بالدين وبالمذاهب، ووقف كل بسلاحه ليجني ثمار كراهية الآخر. والغريب ان الخاسر كان لبنان، لبنان الجميلة.

وفي المغرب العربي، تثور المسألة الامازيجية والبربرية حاليا، وهي مسألة لو ثارت لانقلب حال المغرب العربي كله، ولاستمرت الفتنة هناك لأجيال طويلة. فهي فتنة ستضرب في أصل أبناء المغرب وفي ولائهم وانتمائهم.

السقوط يبدأ بتلك المراحل سابقة الذكر، فحين يتصور البعض ان مصلحته في انتهاء الآخر
أو سقوطه يكون قد وقع في الفخ، فأى بلد يتكون من عناصر تحمل الاتفاق والاختلاف .
و مصر منذ الأبد تحمل علي ترابها مسلميها و أقباطها بتراحم وود ،سقطنا، و لكل جواد كبوة، ولكن نهضنا لأننا بلد بأمة واحدة وعزيمة واحدة وهدف واحد.

لا أؤمن بنظرية المؤامرة ولا أتحجج بها دائما، ولكن فعلا هناك مؤامرة تحاك ضد وحدة ذلك الشعب، ضد تسامحه ، ضد حب أبنائه لبعضهم، لقد أيقن البعض ان سقوط تلك البلد يبدأ بمعركة داخلية خاصة بين أبنائها، معركة يستنزفون فيها طاقتهم وعزيمتهم، ومنها يسيطر أطراف خارجية علي زمام الأمور. معركة لا مثيل لها بين كل ما هو مسلم وكل ما هو مسيحي، فيحول البعض أي مناوشة عادية في شارع ضيق بعيد إلي حرب ضروس يسمح فيها باستخدام كل ما هو محظور.

أغلقوا باب الطائفية في مصر، ولتعش مصر بلد حر بمسلميها وأقباطها، فوضع صورة العراق أو لبنان في مخيلة أذهانكم كفيلة بان تغلق أبواب الطائفية بالضبة والمفتاح، و مجرد قراءة سريعة وصحيحة لتاريخ مصر كفيلة ان تجعلنا نتندر علي عبارات أثارة الفتنة الكريهة .

قرأت منذ فترة، عن رجل مصري قبطي تقي، يصحو من نومه فجرا ليقود جاره المصري المسلم الضرير لأداء صلاة الفجر. و شاهدت بعيني في أغسطس الماضي مصريين مسلمين ينقذون حافلة للكنيسة القبطية من موت محقق....أنها مصر يا سادة.


مينا ومريم ورامز .. كريستينا جونيا طارق...
كل سنة وانتم كلكم طيبين وعاشت مصر للمصريين

بقلم: هيثم التابعي

03 January 2009

عندي امل




طفلة تبكي اخواتها الخمس الشهداء، وآخر يبكي اسرته التي دفنت تحت الصخرة الصماء، وشعب طحنه الغلاء ونام معظمه بلا عشاء ولا دواء، وجمهور فريق كبير يبكى ايامه الحالية الضراء ومنطقة تتغني بزعيم اجنبي ظانين انه مخلصهم من البلاء.

انه وطني ، ووطني حبيبي الوطن الاكبر، يوم ورا يوم ......

رحل 2008 بكل حسانه وسيئاته ،رحل مخلفا وراءه احزانا طاغية والام لا يستطيع الزمان تضميدها. ولكنه لا يفرق كثيرا عن سابقيه، فقد اعتدنا علي تلك الالام بشكل غريب.

ولكنني وعلي مطلع عاما جديد، اقف عندي امل ، يعدني الكثيرون من كبار المتشائمين في كل ما اكتب، ولكنه الواقع الذي يفرض تلك المسحة السوداء. وقبل ان يجري بنا قطار 2009 سريعا وفي اولي محطاته اجدني متفائلا وعندي امل.


عندي امل ، ان نخرج من كبوة الفساد والاهمال اللذان يآكلان في جسدنا كالسوس وينخران في كل مكان.

عندي امل، الا تسقط صخرة جديدة علي رؤوس فقرائنا واهلنا واحبائنا.

عندي امل،ان يتوقف نزيف الدم علي الاسفلت المصري ، عندي امل ان يمر يوم دون ان اري سائقا يسير بسرة بلهاء عكس الاتجاه معرضا حياته وحيات العشرات لخطر الموت المحقق.

عندي امل، وامل كبير ان يفطن المسئولين اننا بحاجة ماسة لمشروع تعليمي ينتج لنا علماء وادباء ومفكرين جدد. احلم بمناهج تحرض علي الابداع، نعم تحرض علي الابداع وليكن الابداع جريمة نحرض عليها.

عندي امل، في ان نوفر لالاف الشباب فرصة العمل ومن ثم الزواج، الالاف قنابل موقوتة تنتظر الانفجار ، نراهم علي المقاهي منظرين فرصة اثبات الذات او الهروب من الذات. ول2009 الاختيار.



عندي أمل، ان تسير المرأة المصرية آمنة في شوارع مصر المحروسة، عندي امل ان يمر شهر دون ان تتلوث اذاننا بحادث اغصتاب او تحرش.

عندي امل، ان يتحسن حال شعبنا المصري، وان يقف الغلاء عند حده، وان يجد الكساء والدواء بأسعار عادية ، وان يستمتع ذلك الشعب البسيط بحياته ولو لعام واحد.

عندي أمل، أن اصحي من نومي يوما، لاري موقفا عربيا موحدا تجاه اي قضية عربية، احلم ان يخرج وزراء عرب مجتمعين ،اي كان عددهم ، متفقين علي سياسة عربية بشان موضوع ما يهم الشعب العربي.

عندي أمل ، ألا تضيع كل أحلام وطموحات العالم في اوباما هباء، عندي أمل أن يتمسك الشاب الأسود بوعوده وبخطته الانتخابية التي أكسبته مليار صوت إضافي خارج حدود أميركا.

عندي أمل، أن تبتعد رياح الأزمة المالية عن بلادي، فنحن لا نستحمل تدهور اقتصادي اكبر.

عندي أمل، أن تتحقق أحلام كل شاب مصري وكل أسرة مصرية عبر ذلك العام.

عندي أمل، أن يعود الحب والولاء والإخلاص للقلوب المصرية وان نحيا عاما أكثر حبا واقل عنفا، وأن تتعالي ضحكاتنا وتجف دموعنا وتتشابك أيدينا في حب ذلك البلد الجميل.

عندي أمل ، ألا اكتب مشاهد أكثر قسوة في رثاء 2009 لان حينها لن يكون لدينا أمل في 2010.

بقلم: هيثم التابعي
باحث سياسي