06 February 2009

مخالب القط الإيراني



لا تخلو أي أزمة عربية في الآونة الأخيرة من وجود قوي للدور الإيراني سواء كانت هذه الأزمة علي الصعيد الداخلي للدول العربية كالحال مثلا في العراق أو في أزمة الاستحقاق الرئاسي اللبناني أو في تأييدها المالي والسياسي لحماس و كذلك علي الصعيد الإقليمي وخاصة في مواجهه إسرائيل كحرب لبنان الأخيرة صيف 2006 أو في
حرب غزة الأخيرة.

والحقيقة انه لا يمكن فهم الكثير من التفاعلات السياسية في الشرق الأوسط دون المرور من بوابة طهران ، فالكثير من القضايا العربية ترتبط ارتباطا مباشرة بالتوجهات والأهداف الإيرانية حتى انني اشعر ان الوطن العربي أصبح ملعبا مفتوحا لكل من يريد ان يحقق أهداف إقليمية او حتى ينازل قوي دولية علي قضاياه الخاصة و
المثال الأكبر علي ذلك يبقي إيران.

لعل ما ساعد إيران علي اتخاذ العالم العربي ملعبا لسياساتها هو اتصالها القوي بعدد من القوي الفاعلة فيه سواء دولا كسوريا أو قوي دون قومية مثل حزب الله وحماس. فعلي مسار الدول تحتفظ إيران بعلاقة إستراتيجية برجماتية من الطراز الأول مع سوريا ، وهي العلاقة المستمرة منذ العام 1980 و لم تعكرها أبدا انغماس سوريا لفترات في محاولات لعقد سلام مع تل أبيب كذلك لم يفسدها أبدا ان النظام الإيراني هو بالأساس دولة دينية بينما في سوريا النظام علماني، و لكنها المصلحة بالأساس، فمن خلال سوريا تطل إيران علي العالم العربي بل وتحضر مؤتمرات القمة العربية !!

المسار الثاني هو تغلغل إيران عبر القوي دون القومية كحزب الله في لبنان حيث تتخذ من لبنان ملف لمساومة العرب و الأمريكيين حيثما شاءت ، ومن خلاله ايضا يمكن ان تردع إسرائيل عن توجيه أي ضربة لملفها النووي ذات الشبهات العسكرية، فصقور تل أبيب سيضعون بكل تأكيد رد فعل حزب الله متى قرروا ضرب المفاعل النووي الإيراني. كذلك علاقاتها القوية مع حماس ، فلا يمكن إغفال تدعيما طهران لحماس ب 50 مليون دولار شهريا بعد انقطاع المعونات الاقتصادية عن الفلسطينيين بعد انتخاب حماس في يناير 2006 وهو ما عضد العلاقات بينهما وجعل حماس ورقة تكتيكية جديدة في أيدي ساسة طهران تضاف إلي ورقة حزب الله. ولم تكن زيارة خالد مشعل الأخيرة إلي طهران إلا تأكيدا علي ذلك. فالصحف في طهران خرجت تقول " قائد حماس يستعرض الموقف مع ولي أمر المسلمين " !!!!

أما في العراق فقد اعترف الأمريكيون بحقيقة الدور الإيراني هناك علانية حين وافقوا علي طاولة المفاوضات مع الإيرانيين بخصوص الوضع في العراق في مايو 2007 ثم توالي التنسيق، فغالبية شيعة العراق يدينون بالولاء لآيات قم و طهران . ولا يمكن أبدا حل المعضلة العراقية من اقتتال طائفي أو عقد لانتخابات أو اتفاقيات أو تحقيق لتوافق سياسي دون الرجوع لسادة طهران وليس دليلا علي ذلك أكثر من أن الساسة العراقيين عرضوا وناقشوا الاتفاقية الأمنية مع المسؤولين في طهران وليس في جامعة الدول العربية.

عبر تلك العلاقات القضايا يظهر أن إيران متغلغلة في الشأن العربي حتى النخاع، فلا ملف دون دوراً إيرانياً وما ساعدها علي ذلك هو الانقسام العربي الحاد وغياب الرؤية العربية الموحدة للقضايا العربية كذلك وجود قوة متعددة منبوذة إقليميا لا تجد من يمد إليها يد العون فقدمت هي ألف يد للعون .

و يبدو لي أن إيران لا تريد خيرا لأهل تلك المنطقة ، فهي لا تريد إلا تحقيق مصلحتها عبرهم ، فإيران التي اعن رئيسها بصوت جهور انه يسعي لمحو إسرائيل من علي الخريطة في أكتوبر 2005 لم يطلق صاروخا واحدا وهو يري إسرائيل نفسها تمحو غزة و أهلها من علي الخريطة ، وإيران التي تبدو تدافع عن الحق العربي في فلسطين هي نفسها إيران التي تنكل بعرب الأهواز في ايران وتعتدي علي حقوقهم التاريخية و هي نفسها إيران التي تغتصب ارض عربية هي الجزر الإماراتية الثلاث طنب الصغري و طنب الكبري و ابو موسي.

وما يبدو لي أكثر أن إيران تحتفظ بعلاقات تكتيكية مع بعض القوي في المنطقة لمنازلة الولايات المتحدة علي ملفها النووي وقضايا أخري من منطلق " سيب وانا سيب " ، بغض النظر عن السؤال التقليدي هل سلاح نووي إيراني في مصلحة العرب ام ضدهم ، لان الإجابة ببساطة أن الامم تبني أسلحتها من اجل أنفسها لا من اجل الأمم الاخرى.


ولكن إيران في رأيي مستعدة للتخلي عن تلك العلاقات التكتيكية متى توصلت لاتفاق مجدي مع الولايات المتحدة وهو ما لا يدركوا احد في حماس أو حزب الله أو في دول الخليج.

ويمكن أن يزداد الوضع سوءا لو تمكنت إيران من اكتساب المزيد من الأصدقاء سواء من القوة المهمشة في المنطقة أو ممن يطمعون في الظهور علي الساحة كما ظهر في الموقف القطري مؤخرا ، حينها فأن أحدا لن يزيحها من المنطقة قريبا و ستتمكن أما من فرض كلمتها أو علي الأقل المساومة علي ملفات وقضايا عربية كانت حكرا علي التدخلات الأجنبية الغربية وسط استمرار الصمت العربي.

فالقط الشيرازي إيراني الأصل، جميل المنظر و هادي الطباع، ولكن يجب عليك دائما أن تحذر من مخالبه لأنها حادة وقوية.


هيثم التابعي

3 comments:

catroz said...

الخط صغير اوىىىىىىىىىىىىى
ىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىى

:Dهنحاول ..
اصل انا عارفه ان الكلام اكيد يستاهل يتقرى ..:)

3araby said...

مقال جامد يا هيثم وبيكشف الستار عن الدبلوماسية الايرانية المجهولة لناس كتير .

لكن يجب حينما نأخذ حذرنا من القط الإيرانى ... ان نعرف جيداً اننا بين فكى القرش الامريكى الاسرائيلي .

يا هيثم اذا كان القط هيخربش بمخالبه فان أنياب القرش ستفتك بنا فتكاً.

هيثم التابعي said...

الله يخليكي يا كرتوز واوعدك بتعديله

شهادة اعتز بيها يا عربي